كما أتى رمضان بالبشرى و بالفرحة يودعنا تاركاً لنا فرحة العيد
أتى رمضان وفي أزمنته وفرة من العطايا كالمغفرة ومضاعفة الثواب لمن أطاع وأناب ، أيقظ الغافلين ونبه الشاردين وآنس قلوب الطائعين ، وشد من الهمم ورفعها إلى القمم
غيّر رمضان الكثير من نفوسنا فقد جلا صدأ قلوبنا ، وفك أغلال نفوسنا ، ومسح مسحة الحزن - على اختلاف مسبباته - بفرحة ينالها الصائم عند فطره ويأمل بأخرى عند لقاء ربه
غيّر رمضان العديد من عاداتنا فغدت تبعاً لما جاء به الدين وما فعله سيد المرسلين ، وكانت من قبل تحكمها أهواء شخصية أو أعراف اجتماعية
غيّر رمضان سلوكنا مبيناً أن تغيير السلوك ممكن فكل صائم اتجه في معاملاته مع الآخرين صوب اللين والرفق خوفاً على ثواب الصيام من الضياع وكان من قبل الصيام فظاً غليظ الطباع
غيّر رمضان ترتيب حياتنا من حيث اليقظة الطعام والمنام ، فغدا بعضنا يقول قد كنت مفرّطاً في النوم عن صلاة الفجر وآخر يقول : كيف لا أكرم نفسي بقيادتها نحو ما ينفعها من تحصيل الثواب ؟
عاش بعضنا تجارب في التعامل مع نفسه حيث تأملها وعرضها على ما تلا من الآيات فسلك بها سبيل الرشاد ، وجرب التعامل مع الناس بالحسنى والإحسان فارتاح خاطره واطمأن قلبه
جرّب كل منا أن يكون قريباً من الله بالتسبيح تارة وبتلاوة القرآن الكريم تارة أخرى ، ثم بمد يد العون للآخرين فغدا مبتعداً عن ثقل الأبدان ، ولمس طهارة الأرواح ، وأنس بمن حوله وهم يؤدون ما يؤدي ويحرصون على ما يحرص
وفي الوقت نفسه شعر بالاغتراب من حرم نفسه من هذه الخيرات .
ومما ساعد على هذا التغيير جهود العلماء والدعاة الذين تنوعت منابتهم واتحدت عقيدتهم ، ونوعوا من أساليبهم لتناسب كل الفئات والأذواق والاهتمامات
وكما يودع الحبيب حبيبه نودعك إلى آخر لحظة ، نبكي لفراقك ، نجدد العهد على متابعة المسير ، ونعيش أملاً في لقاء قادم تأتي إلينا فيه كعادتك بالبشر والفرحة والأمل ، وسنردد ذكرياتك المحببة إلى نفوسنا ، وسنحتفظ بمكتسباتنا التي جنيناها في أيامك المشرقة ولياليك المنورة ، نخجل أن تعود إلينا وترانا قد فقدنا هذه المكتسبات ، وقادتنا أنفسنا إلى المهلكات ، نخجل أن تعود فلا ترى أثراً لعمارة الأرض من جد أيدينا وعرق جبيننا ، نخجل أن تعود لترانا قد وقع بيننا وبين من حولنا خصام بعد أن علمتنا سبل الوئام .
سنستقبل العيد بفرحة الطائعين وأمل المذنبين بالعفو يوم الدين فرحة مجردة لا دخل لها بظروفنا ، وجوائزنا تنتظرنا في طريقنا لصلاة العيد من الملائكة المطهرين ، ستزداد فرحتنا وتتضاعف برؤية الفرحين في هذا اليوم من مصلين وأطفال أسعدتهم ملابسهم وما جمعوه من مال وما نعموا به من رعاية أسرية وبرؤية المساكين الذين شعروا بالأخوة والتضامن وسنتعلم أن الفرح لا يأتي إلا بعد طاعة وأن الفرحة يعبر عنها بأعمال تخلو من المعاصي .
وكل عام والأمة الإسلامية بخير