تواصلي مع أهل الخير، فكلامهم سراج، ونصائحهم علاج والعمل معهم سياج، ابحثي عنهم، وتقربي منهم وارقبيهم واسأليهم ورافقيهم، فهم يلقون بالمعارف بلا تكلف ولا زخارف، يدعون لك بالسحر، ويبصرونك بأنواع البشر، وينبهونك إلى أخذ الحيطة والحذر.
كوني ربّانيّة بداية من النيّة ومروراً بالطويّة، واتباعاً بالعمل لآيات ربنا وما ورد في الأثر، عندها تتجنبين الزلل، وتحققين الرجاء والأمل، في الحياة وعند انتهاء الأجل، وتكونين قدوة لجيل كثر في محيطه الخلل.
أعدّي لكل موقف عدّته، وتوقعي يسره وشدته، وتخيلي نجاحه وتوقعي إمكانية الإخفاق، وكل هذه التوقعات تجعل لنفسك حاجزاً يحول بينك وبين الإخفاق، واعلمي أنّ الله لا يطالبك بالنتائج لأنها من تيسيره ولكن يحاسبك على عدم بذل ما في الوسع.
أنت في مقام كريم، أنت تعلمين الناس الخير، ومن يحضرون إليك لطلب العلم قد بسطت الملائكة لهم الأجنحة رضاً بما يطلبن فهلا بسطت وجهك، وأجدت في عملية التعليم، واستوعبت موقفاً فيه جهل أو عبث أو استهتار، وما أظهر الله لك تلك الخبايا إلا لتعالجيها بحكمة.
كلنا يحب العدل ويأمل أن يتعامل به، ويأنف الظلم، فهلا عدلت في النظرة والبسمة وكلمة التشجيع، فكلها تعني للفتيات محفزاً للعمل، ورغبة في الاستزادة من الخير، ونحن لا نعلم أية فتاة تكون مستقبلاً لها أكبر التأثير والأثر.
ما يعوق طريقك في أداء العمل أمران: الأول داخلي من نفسك فما هو إلا ظلمة يمحوها نور العبادة، والثاني خارجيّ يقتضي التعامل معه بحكمة وبصيرة، وكلاهما يمكن أن يثبط الهمّة، فلا بدّ من التغلب عليهما بالاستعانة بالله وعمل ما يرضاه.
مبعث العمل من القلب، فهو الأداة المحركة، وهو الذي يضخ دماء الهمّة، ويجعل للعمل أثراً، وللحياة طعماً ولوناً، ولا شيء ينفع القلب إلا نور ربانيّ يضيء جنبات القلب فيوحد الرب، وعندها لا يعيقك شيء في الدرب.
كوني شمساً مضيئة تطل على الناس، وتتحرك بمقياس، وتمد أشعتها إلى كل الأجناس، مكانتها رفيعة، وقريبة هي وبعيدة، قريبة بالعطاء بعيدة عن الابتذال، يحرق حرها كل جرثومة، ويحظى بنورها كل من يواجهها.
لا تبخلي على نفسك بشيء من الراحة، فما هي إلا محطة تزويد وانطلاق من جديد، هي فترة استرخاء وراحة بدنيّة ينشط فيها العقل ليحكم على ما تمّ، فهناك رضا، وهناك ندم، وهناك تعديل لما مال، وإيجاد لعمل قد انعدم وهناك علائق مع الخلائق تحتاج لقياسها بالحقائق.
لا تحملي إلى بيتك همّ العمل، فتجمعي على أهلك انشغالين أحدهما ظاهري والآخر فكريّ ونفسيّ، ادخلي بيتك واطرحي مشاكل العمل خارجه، وكذلك لا تحملي هموم البيت إلى مكان العمل، فالعمل يتطلب منك نفساً لا تعيقها الهموم.
حافظي على معارفك، واحتفظي بما يديم التواصل، فلربّ دعوة من أخت صالحة تكون سبباً في سعادتك، خلاصاً من محنتك، أو تخفيفاً لأزمتك، واصليهنّ بعد انقطاع العمل ولو في الشهر مرّة، واجعلي التواصل زيادة في القرب من الله، فتلك خطواتك إلى الجنّة.
جددي العهد مع الله، فهذا العهد جوهرة ثمينة قد يعلوها بعض الشوائب في أعمالنا أو تقصيرنا، ولا ينفض عنها الغبار ويجعلها واضحة وضوح الشمس والنهار إلا استغفار يوميّ وحسن إنابة، وتجديد للعهد يذكرنا بالمسؤولية والأجر.
الجهل والعمل اجتماعهما لا يفيد، ولا يؤدي الهدف السديد، وعلمنا الذي نعلمه مع جهلنا بطبيعة المرحلة التي نتعامل معها يجعل جهدنا مهدوراً، وإنتاجنا مردوداً، ويزيد من يتعلم معنا إعراضاً وصدوداً، وهذا عكس هدفنا المنشود، فلا بدّ من معرفة خصائص المرحلة العمريّة، ووسائل التربية العصريّة.